من يلبي صرخات العاملين بالأثار”
تحقيق :عبدالرحمن مومن عبدالحليم
حالة من الغضب والاحتجاج تسيطر علي العاملين بوزارة الأثار, وذلك منذ فترة كبيرة لكثرة الشكاوي التي تم إرسالها بلا استجابة ترضيهم, كانت أخرها دعوات تطالب بعدم الذهاب إلى العمل يوم ١٠ أكتوبر كما تقدموا بشكوي لرئيس الجمهورية, شملت كل ما يعانوه من تدني المرتبات والرعاية الصحية, وعدم ضم الأثار لموازنة الدولة, وعدم وجود بدل مخاطر يناسب حجم المخاطر التي يتعرضوا لها, وعلى الرغم من وجود إيجابيات عديدة يبذلها بعض العاملين بالأثار في المدارس والجامعات وفي أماكن عديدة لتوعية الطلاب والأهالي بأهمية الحفاظ علي الأثار بإسلوب مبسط وجذاب, إلا أن تلك المجهودات تبذل علي من جيوب هؤلاء العاملين الشخصية.
يؤكد “أحمد السيد” كبير مفتش الشئون الأثرية بمنطقة أثار الجمالية بقطاع الأثار الإسلامية والقبطية :بدأت المشاكل مع عدم تطبيق علاوة الحد الأدني علي العاملين بالثار الصادر بقرار رئيس الوزراء رقم ٢٢ لسنة 2014م، فتم تقديم العديد من الشكاوي بخصوص علاوة الحد الأدني وقامت بالفعل بعض القطاعات بصرفها شهر يوليه ٢٠١٥م ، ثم توقف الصرف دون إبداء أي أسباب قانونية لذلك، ونتيجة ذلك حدث خلاف بخصوص الصرف من قبل وزارة المالية ومندوبيها الماليين حتي اضطررنا اخيرا للجوء لفتوي مجلس الدولة والتي صدرت منذ أيام فتواها بعدم أحقية العاملين بالأثار في الحصول علي علاوة الحد الأدني، نظرا لأن وزارة الأثار تحكمها لائحة داخلية وغير منضمة إلى ميزانية الدولة, واعتمادها علي التمويل الذاتي وده هو الكارثة الحقيقة في وزارة الأثار ، ودلوقتي في محاولات حثيثية من العاملين بالتنسيق مع بعض أعضاء مجلس الشعب لضم الأثار إلى موازنة الدولة، وطبعا المحاولات دي لازم يعقبها دعم ومساندة من المختصين وهو ما لم يحدث حتي الأن نهائيا.
“زينب إبراهيم” مفتشة أثار إسلامية وقبطية بمنطقة الجمالية : أهم مشكلتين حالياً هما مشكلة العمالة الموقتة وتدني الأجور, والوزير بيعلن عن زيادة ومكافأت ولا حاجة بتحصل .
وتتحدث في غضب “مروة عبدالعزيز” مفتشة أثار ومن المهتمين بالمطالبة بحقوق العاملين دائما :أحنا بنشتري من جيوبنا حاجات للأدرات, وبنصلحها كمان ومضيعين علينا حافز الإثابة من ٢٠١١م ,وضيف لكدة أن بدل المخاطر ٢٠ جنية بس , ومراقبين المالية متحكمين فينا بشكل غريب كإنهم بيقبضونا من جيوبهم .
أما “داليا الجوهري” مدير عام بإدارة التنمية الثقافية والوعي الأثري بالقطاع الإسلامي والمشرف علي برامج نشر الوعي الثقافي والأثري بالوزارة : أعمل بالوزارة منذ عام ٩٣ ومنذ بداية عملي بالأثار وأنا اتحمل كل تكاليف الأنشطة التي أقوم بها لنشر الوعي الأثري بالمدارس والجامعات ذاتيا دون وجود ميزانية معدة من الوزارة , وهذا حال جميع إدارات الوعي الأثري بالوزارة، حتي مكتبي والأثاث والكمبيوتروالورق والدفاتر أنا اللي مجهزاه علي نفقتي الخاصة لدرجة إني الموظفين بنتكفل بمصاريف عامل النظافة ،عشان نعرف نشتغل في مكان نظيف.
ولكن بالرغم من كل الصعوبات دي لكن بفضل الله حاليا عاملين قوافل بالمدارس لنشر الوعي الأثري بالتعاون مع المركز القومي لثقافة الطفل, وأنا مشرفة علي مبادرة “طوف وشوف” من قبل الوزارة وهي مبادرة هدفها نشر الوعي الأثري والثقافي والحضاري بين أبنائنا من طلبة المدارس وخلق جيل واعي يحافظ علي الأثار من السرقات, والتخريب, والإهمال, والتعديات، كما تقوم المبادرة علي تعميق الرابط بين الطفل والأثار بشكل غير مباشر ومن مجرد زيارة تقليدية ، بالإضافة إلى الورش الفنية اللي بنعملها في كل مكان بنروحه, ومسابقات فنية (كأجمل صورة بموبايلك – أجمل رسمة)من صنع الأطفال عشان يتذوق كل شبر في أثارنا وفي الرحلات دي بيكون معنا من ٣٠٠ إلى ٥٠٠ طفل والجميل إن الأسر نفسها من كلام أولادهم بيجوا معنا وعملنا المرحلة الثانية من برنامج طوف وشوف لطلبة الجامعات بعنوان “أصلك أثرك” ،وسرعان ما بدا علي وجهها معالم الحزن وانطفت معالم الفرحة وهيا تعود للتحدث عن التحديات:
بالرغم من كل ما ذكرته إلا أن الموظفين بدلا من تشجعيهم, و مكافاتهم ألا أن الواقع يؤكد أنهم بيعانوا من التجاهل المادي والمعنوي وللأسف المناصب مقتصرة علي فئة معينة بالوزارة فقط دون النظر لباقي الفئات.
وفي المنيا كانت هناك مأساة أخري, حيث التقينا “بمحمد حماد” المختصص في تحديد الأراضي الأثرية والذي قال وهو يحاول استنشاق نفسه بعمق وفي كبد وألم : المنيا كانت خارج المنطقة السياحية من 1994م إلى بداية 2007م , ووزارتنا هي الوحيدة التي تعمل بمواردها ،تخيل يا فندم أي مكاتبات بستعمل سيارتي في المعاينات وكل دا بيأخر سرعة العمل, وبيستهلك ربع المرتب في حاجات خاصة بالعمل, والأسوء أننا بنأخذ مرتباتنا بالدين، مفيش مكان ثابت لينا, ومقرنا حالياً في مبني تابع لمجلس مدينة ملوي أعلي سطح المطافي منذ ٦سنوات, ولكن أسوا ما نعاني منه أن مفيش حماية لينا، بمعني إن مطلوب مننا نطلع الجبل نأخذ صورة بطاقة شخص معتدي علي أراضي الدولة ومنهم بيكون عليهم أحكام بالمؤبد وواقف بالبندقية. والأمن في المنطقة مش مرخص ليهم سلاح, مما تسبب في بعض من يتعدون علي الأراضي ويطلقوا الناس علي الحراس والغفير في أثار بيت الفرشة.