نقابة اتحاد الكتاب تناقش كتاب د. صلاح السروي (“مفهوم الرواية”) الانعكاس.. البنيوية.. التفكيك.

0 137

كتب : محمد مصطفى

تحت رعاية الدكتور علاء عبد الهادي رئيس النقابة العامة لاتحاد كتاب مصر والأمين العام للاتحاد العام للأدباء والكتاب العرب، عقدت شعبة النقد والدراسات الأدبية برئاسة الناقدة د. هدى عطية بالتعاون مع الجمعية المصرية للأدب المقارن ندوة يوم الاثنين ١٢ مايو ٢٠٢٥م، لمناقشة كتاب د. صلاح السروي المعنون ب ” مفهوم الرواية.. الانعكاس.. البنيوية.. التفكيك” حضرها الشاعر والناقد د. علاء عبد الهادي رئيس النقابة العامة لاتحاد كتاب مصر ، واستضافت الندوة للمناقشة د. حسين حمودة، ود. خيري دومة، وأدارت اللقاء د. رشا صالح ، وشارك بالحضور والمداخلات القيمة كوكبة من أساتذة النقد بالجامعات المصرية وجمع من المبدعين.

بدأت د. رشا صالح بتقديم عرض واف عن كتاب ” مفهوم الرواية” للدكتور صلاح السروي، وتحدثت عن ما ورد فيه وعن وتيارات ما بعد البنيوية وما بعد الحداثة، وعرض الكتاب للاتجاهات المتعددة في النقد ، مشيدة بالمنهج الذي استخدمه د. صلاح في الكتاب والذي يعرض كل اتجاه نقدي على حده، وجملة الإجراءات المهمة التي سلكها، وجودة ما وصل إليه الكتاب في تشييد تصور مكتمل الملامح.

وقدم د. حسين حمودة رؤية بانورامية شاملة حول تقسيم الكتاب ، وأهم القضايا التي ناقشها، وذكر أن الكتاب يتناول ما يفيض عن عنوانه، وهو منظم وواضح من خلال مقدمته ومدخله وفصوله الثلاثة ، وخاتمته، وتحدث عن تناول الكتاب لمفهوم الرواية ، وتمركزه حول الشخصية الروائية ، وأساليب السرد الروائي ، وأشاد بمقدمة الكتاب التي تطرح تصورات عن ” الانعكاس.. البنيوية.. التفكيك” ، كما أشاد بمجموعة القيم التي تأسس عليها الكتاب وانطلق منها ؛ ومنها قيمة الوعي الحاد بحركة التاريخ في رصد ما يبدو نوعا من الحوار ، والوعي بمسيرة التاريخ ، وقيمة ما يتصل بالتبويب الدقيق في بنائه كله رغم تحركه حركة واسعة مترامية الأطراف ومتعددة اللغات والثقافات ، وذكر أن الكتاب ينفتح على جماليات الإبداع بشكل عام، وأن به ما يمثل القضايا الإشكالية، وتحدث عن عرضه لقضية العلاقة بين الرواية والملحمة، وتأهل علاقة الرواية بالواقع الاجتماعي، وأكد علي قيمة الربط بين الأطروحات النقدية العربية ، وقيمة المزاوجة بين وجهتين على الأقل، وأشاد بعدم وقوف الكتاب عند حدود العرض ؛ إنما ينخرط انخراطًا علميا فيما يطرحه من تصورات ؛ ويترتب على هذه القيمة قيم أخرى كثيرة فرعية ، وتحدث عن المعرفة النقدية عند د. صلاح السروي التي تختبر بعض المقولات النظرية ومدى دقتها وقدرتها على الصمود في مقاربة بعض النصوص الروائية. كما تحدث عن جملة من القضايا المطروحة داخل الكتاب عن النوع الروائي، وتوقف بالشرح والتحليل عند فكرة التحقيب، وذكر أن” باختين ” من أهم من توقف عندها ، وعدد مساهماته في وضع ومناقشة مفهوم التناص وأن باختين في قلب الاتجاه الاجتماعي، وأنه ممن انتبهوا لفكرة التعدد والسخرية ، وود لو أنصفه د. صلاح السروي بشكل أكبر ، وختم حديثه مؤكدًا قيمة كتاب مفهوم الرواية بكل ما يطرحه من قضايا وقيم، وأشاد بالجهد العلمي الكبير الذي قام به د. صلاح السروي والذي اسماه بالناقد الحق.

وتحدث د. خيري دومة عن مكانة د. صلاح السروي لديه على المستوى الإنساني والمهني، لما لهما من تاريخ مشترك في التوجه الاجتماعي، وذكر أن الكتاب في نظرية الأدب ويركز على الرواية ، ودخل في منطقة شديدة الصعوبة وهي منطقة النظرية؛ لأن النظرية بالنسبة للدكتور دومة متاهة كبيرة ، وأشاد بقدرة د. صلاح السروي على تحديد أهدافه في الكتاب ، وبدراسته المستفيضة لتصورات كل ما في الاتجاهات النقدية ، وأن الكتاب يهدف إلى تشييد تصور مكتمل الملامح بالتركيز على ثلاثة عناصر أساسية ” مفهوم الرواية ،و الشخصية الروائية ، وأساليب السرد الروائي” ، وأشاد بخاتمة الكتاب التي تم فيها التركيز على أهم النقاط الأساسية التي ناقشها الكتاب، كما أشار إلى وجود توجه اجتماعي وآخر بنيوي في المدخل، والكتاب يحتوي على عرض ممتاز لنظرية الأدب ، وبه صياغات دقيقة جدا مفهمة للقارئ، وبه أيضا موقف مبدئي؛ وهو موقف النقاد الاجتماعيين الأساسيين ، وموقف الكاتب نفسه والذي تبناه منذ زمن وهو الاتجاه الاجتماعي، وأشاد بقدرة تقديم د. صلاح قراءة للمناهج المختلفة من موقف ثابت، وبقدرته الفائقة في العرض من الداخل؛ ولهذا تأثيره في حالة التلقي ، كما قال أن الكتاب يعطي مساحة كبيرة للاتجاه الاجتماعي، واستشهد د. خيري دومة بمقولة للدكتور عبد المنعم تليمة والتي يقول فيها :” إن الأدب يوازي الواقع وليس مجرد انعكاس له”..

وتحدث د. دومة عن عدد من الأسئلة الإشكالية وطالب بالتفكير فيها ومنها موضوع الفصل بين الأدب والواقع، وذكر أن مقولة “الأدب يأتي من أدب سابق عليه” مقولة تستحق المناقشة ، وأنه لابد من التفكير في كيف تغيرت الرواية؟ ، وهل تغير النقد مرتبط بتغير الأدب وليس بتغير المجتمع ؟، وذكر أنه يرى في التفكيكية صرخة احتجاج حقيقي ، وأنه من أبرز مميزات كتاب مفهوم الرواية ما ورد به من كلام مهم لفهم الرواية المعاصرة ، وما به من تلخيص كبير للصياغات المختلفة ، وفكرة البحث عن الانسجام، وختم حديثه مؤكدًا أن الكتاب حدث مهم في عصرنا الأدبي؛ لأنه نتاج جهد ناقد يملك رؤية واضحة لوظيفة النقد والأدب ، وهذا أمر نادر الحدوث في واقعنا النقدي المعاصر.

وتحدث د. صلاح السروي موضحًا أن الكتاب هو حصيلة عمر معرفي ومحاولة لبلورة صياغات ومفاهيم، فهناك ساحة متلاطمة من الأفكار والمفاهيم؛ وأحيانًا تختلط المفاهيم عند البعض، لذلك منذ اللحظة الأولي، رصد بحسه النقدي أن لدينا أزمة في المصطلح، وللأسف يستسهل البعض أمر المصطلح؛ لذلك جاء الكتاب تتمة لعدد من أعماله السابقة منها كتاب ” كلاسيكيات النظرية الاجتماعية في النقد الأدبي”، و كتاب ” المثاقفة وسؤال الهوية” في مجال النظرية، كما أنه انطلق من انحياز مباشر وهو التناول الاجتماعي للأدب ، وطرح د. صلاح السروي على الحضور عدة أسئلة منها، لماذا نكتب ؟، ولماذا يتلقى القارئ ؟، وأجاب بأننا نكتب لتحديد الرؤى والمسارات من المفاهيم ، كما أننا نبحث عن تحقيق الانسجام بين الذات والعالم ، وأكد أن انحيازه لمبدأ ما أو اتجاه ما، لم يمنعه من فهم الاسهامات للاتجاهات الأخرى، وتحدث عن مفهوم الأيديولوجيا بشكل عام، وعن فكرة غلق النص، كما تحدث عن مصطلح ” إساءة الفهم” لدى التفكيكيين، وذكر أن الأمانة تقتضي أن يقيم الأفكار التي وردت عند الاتجاهات الأخرى، وأكد رؤيته بأن للأدب وظيفة، كما لكل شيء في الكون وظيفة، وذكر أنه من وظيفة الأدب بجوار تحقيق المتعة الجمالية ، إثراء وعي الإنسان ؛ ويجدها وظيفة ذات قيمة أصيلة عليا، وذكر أننا في النقد العربي لدينا مشكلة في أن نكون مع آخر موضة مع التيارات النقدية الغربية، في حين أننا كشرق عربي لم نصل إلى الحداثة بعد.

بعد ذلك ساهم عدد كبير من الحضور بطرح أسئلتهم واستفساراتهم في مداخلات على ضيوف المنصة الكرام، وكان في مقدمتهم د. هدى عطية رئيس شعبة النقد والدراسات الأدبية التي طرحت جملة من الأسئلة المهمة، كان من أبرزها حديثها عن أن الكتاب سعى لتأسيس نظري حول التساؤل النقدي للرواية ، وسألت د. صلاح السروي عن كيفية التعامل مع الأعمال الأدبية التي تتعمد تفكيك الواقع ، وتحدثت عن شعورها بوجود نبرة انتقادية للبنيويين في الكتاب وبخاصة لرولان بارت على وجه الخصوص ، وسألت هل السبب للانتقائية لأعماله ؟ ، كما سألت عن فكرة موت المؤلف، وعن فكرة مركزية المعنى وفاعلية الذات ، وعن إمكانات المناهج البنيوية أو البينية، وهل البينية تصل بنا لتصور ما؟، كما سألت عن حدود الأيديولوجيا في النقد الاجتماعي، ومتى تصبح الأيديولوجيا خصما للفن ؟ ، وهل تمر الرواية بتحول بنيوي؟

وقام د. صلاح السروي وضيفا المنصة الكرام بالردود على الأسئلة التي وجهت إليهم، كما قام د. علاء عبد الهادي بتسليم شهادات التقدير من النقابة العامة لاتحاد الكتاب لضيوف المنصة الكرام.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.